الأحاديث المهدوية لدى أهل السنة
تفسیر الأحادیث المهدوية

بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الاَرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الِّذي ارْتَضي لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ اَمْناً يَعْبُدُونَني لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَاٌولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (النور - 55)

يبشر تعالى في الآية 55 من سورة النور (24) المؤمنين الصالحين بأنهم سيخلفون الله على الأرض وينتشر الإسلام ويزول الظلم والخوف ويصبح العالم في سلام وأمن وسوف يستمر عباد الله بعبادة الله بحرية وتقام الحجة على الجميع وإذا اختار أحد بعد ذلك طريق الكفر فسوف يكون فاسقاً.

ويقول تعالى:

وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنّ الارْضَ يَرِثُها عِباديَ الصّالِحُونَ (الانبیاء – 105)

وفي الآية 105 من سورة الأنبياء (21) يبشر الله تعالى الصالحين بأنهم سيرثون الأرض من بعده وتخبر الآية عن ذلك اليوم الذي ستكون فيه كافة القارات تحت تصرف عباد الله الصالحين، كما بين الله ذلك في آيات أخرى.

مثل الآية 5 من سورة القصص (28):

وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (القصص – 5)

ورغم تحقق الأمور الهامة في عصر الرسول صلّی الله و علیه و آله و سلّم والعصور اللاحقة على نطاق واسع في العالم، ورغم أن الإسلام كان عالقاً في براثن الأعداء بشكل لم يكن يسمح له بالظهور بأي شكل، وكان المسلمون يعيشون في خوف ووحشة، لكن الإسلام لم ينتشر في شبه الجزيرة العربية فحسب، بل شمل أجزاء واسعة من العالم وهزم الأعداء على كافة الجبهات، ولكن مع ذلك لم تتحقق بعد الحكومة العالمية الإسلامية التي ستعم العالم وتجتث جذور الشرك وتنشر الأمن والحرية في كل مكان. إذن يجب علينا أن ننتظر تحققها، وهذا ما يتطابق مع الروايات المتواترة عن قيام المهدي عليه السلام.

وقد نقل أحاديث المهدي الكثير من الصحابة عن الرسول (ص). بالنسبة للروايات التي نقلت عن الرسول الكريم (ص) والروايات الموثقة عنه من قبل بعض الصحابة (وشهادتهم بحكم الحديث)، فهي موجودة في الكثير من الكتب الإسلامية المعروفة والنصوص الأصلية للأحاديث لدى مختلف الفرق الإسلامية بما في ذلك الشيعة والسنة. وقد ألف بعض علماء الإسلام كتباً خاصة حول المهدي ومنهم من صرح أن الأحاديث الخاصة بالمهدي متواترة ولا يمكن إنكارها على الإطلاق. وتعتبر كتب صحاح الستة أبرز كتب الحديث لدى أهل السنة بعد القرآن الكريم وتعتبر أهم المصادر الدينية المتوفرة لدى أهل السنة ويستعين بها علماء أهل السنة وهي عبارة عن:

  • صحیح البخاري
  • صحیح مسلم
  • سنن أبي داود
  • سنن الترمذي
  • سنن النسائي
  • سنن ابن ماجة

ونلاحظ في الصحاح الستة نوعين من الأحاديث حول المهدوية: نوع تستنبط منه المهدوية وآخر لا يمكن تطبيقه سوى على موضوع المهدي. سوف نتطرق في هذا التفسير إلى أحاديث من الصحاح نشير فيها بشكل عام إلى المهدوية، ثم سنتطرق إلى الأحاديث الخاصة حول المهدي.

الأحاديث العامة حول المهدوية في صحاح السنة
حدیث الثقلین

يعتبر «حدیث الثقلین» من الأحاديث التي تتفق عليها جميع الفرق الإسلامية، وقد طرح في أشهر كتب الحديث ونقله 43 من صحابة الرسول وذكر في أغلب المصادر طوال التاريخ. وتختلف مضامين بعض الروايات لكن الأصل واحد يتمحور حول محور واحد وهو وصية الرسول (ص) لأمته أن تتمسك بالثقلين حتى يوم القيامة ولا تنحرف عن الصراط المستقيم.

نص الحدیث

  • نقل مسلم في صحیحه عن زید بن ارقم:

    قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ و وَعَظَ و ذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ و أَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى و النُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَ اسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ رَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ و أَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي

    (صحيح مسلم الحديث رقم 2408)
  • ونقل الترمذي في صحيحه أن رسول الله (ص) قال:

    إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا

    (سنن الترمذي الحديث رقم 3788)

الملاحظات المفيدة في حديث الثقلين

  • كتاب الله وعترة رسوله (ص) أثمن الأشياء لدى رسول الله (ص). «الثقلین» في اللغة العربية مثنى الثقل وهو زوادة الطريق وكل شيء نفيس وثمين الذي يحتاج للحفاظ عليه. ويسمي رسول الله (ص) كتاب الله وعترته بالثقلين لكي يعبر عن قدرهما ومنزلتهما.
  • تتحقق السعادة والهداية في ظل كتاب الله تعالى وعترة رسوله (ص). وكما ينقل الترمذي عن رسول الله (ص): إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي
  • يقول رسول الله (ص): « حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ » و « فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا». المقصود بهاتين العبارتين أن الهدى مرهون بالتمسك العترتين وليس أن يتمسك المرء بالقرآن ويتخلى عن العترة.
  • جاء في سنن الترمذي أن رسول الله (ص) قال: وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ أي أن القرآن والعترة موجودان وباقيان حتى يوم القيامة ولو فرضنا أن القرآن كان موجوداً والعترة غير موجودة، أو اعتبرنا أن أحدهما لا يلازم الآخر، فكما أن القرآن موجود بيننا وباق فيجب أن تكون العترة وأهل بيت رسول الله (ص) موجودة وباقية.
  • أما الأمر الآخر الذي يشير إليه رسول الله (ص) فهو: فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا. وأهم شيء هنا هو أن رسول الله (ص) يعتبر القرآن وأهل البيت خلفين له بعده.
  • أهم ملاحظة في حديث الثقلين هو حجة وعصمة أهل البيت (ع). إن وضع أهل البيت إلى جانب القرآن في مرتبة واحدة من قبل رسول الله (ص) يثبت ذلك. ولا شك في أن القرآن كتاب لا يتضمن ولو ذرة من الباطل، ولذلك فإن مخالفته غير مجازة. إن وضع أهل البيت إلى جانب القرآن في مرتبة واحدة من قبل رسول الله (ص) وتلازم الثقلين حتى يوم القيامة وبلوغ الهدى بهما والضلال دونهما يشير إلى حقيقة تلازم الثقلين ولا معنى آخر لذلك سوى العصمة.
  • إذا أمعنا النظر في كلمات الرسول (ص) فسوف نلاحظ أن المقصود بتلازم الثقلين أن أياً منهما لا يخالف الآخر، فعترة الرسول تطرح ما جاء في القرآن، فهل يعني ذلك شيئاً غير العصمة؟

أهل البيت والعترة في حديث الثقلين

والآن يجب أن نكتشف المقصود بأهل البيت والعترة مما ذكر في حديث الثقلين وعدل القرآن.

لقد طرح هذا التساؤل نفسه في آية التطهير (انما یرید الله لیذهب عنکم الرجس اهل البیت و یطهرکم تطهیراً – جزء من الآیه ۳۳ من سورة الأحزاب)، فمن هم أهل البيت الذي أراد الله تعالى أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيراً؟

من هم أهل بيت الرسول (ص)؟

طرح أهل السنة وجهات نظر متعددة نشير إلى أهم ثلاثة منها:

  • يعتقد البعض أن المقصود بأهل البيت نساء رسول الله (ص)
  • أما البعض الآخر فيعتقد أن المقصود بأهل البيت نساء رسول الله (ص) وأسرة بني هاشم التي لا يجوز التصدق عليها ويشمل ذلك آل علي و آل عقیل و آل جعفر و آل عباس
  • والبعض الآخر يعتقد أنهم علي (صهر الرسول وابن عمه)، فاطمة (ابنة الرسول وزوجة علي) والحسن والحسين (ولدا فاطمة وعلي و حفيدا الرسول)

لكن الحق في التبرير والتفسير هو مراجعة كلمات الرسول (ص) وأحاديثه لنرى من هم أهل البيت حقاً. ولحسن الحظ فنحن نلاحظ في أحاديث متعددة منقولة من قبل مسلم والترمذي أن رسول الله (ص) قد أشار إلى أهل البيت في أحاديثه وعمله:

  • نقل مسلم عن عائشة زوجة الرسول صلّی الله و علیه و آله و سلّم:

    خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا

    (صحيح مسلم الحديث رقم 2424)
  • وفي باب فضائل الصحابة في شرح آیة المباهلة (آل عمران 61) نقل مسلم حديثاً عن سعد بن ابي وقاص:

    لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا و َأَبْنَاءَكُمْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَلِيًّا وَ فَاطِمَةَ وَ حَسَنًا وَ حُسَيْنًا فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي

    (صحيح مسلم الحديث رقم 2404)
  • أما بالنسبة لآية التطهير (الآیة 33 من سورة الأحزاب) فقد نقل الترمزي في صحيحه:

    مَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَدَعَا فَاطِمَةَ وَ حَسَنًا وَ حُسَيْنًا فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَ عَلِيٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلَّلَهُ بِكِسَاءٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ أَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَ أَنْتِ عَلَى خَيْرٍ

    (سنن الترمذي الحديث رقم 3205)
  • كما نقل الترمذي في صحيحه عن أنس بن مالك:

    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ يَقُولُ الصَّلَاةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا

    (سنن الترمذي الحديث رقم 3206)

نلاحظ إذن أن أهل بيت الرسول (ص) هم أشخاص محددون، ومن المسلم به في الروايات المذكورة أن أهل البيت (ع) هم الأشخاص الذين حضروا في حادثة المباهلة (الآية 61 من سورة آل عمران) وهم علي، فاطمة ، الحسن و الحسین.

ما المقصود بعترة الرسول (ص)؟

عترة الشخص أقرباؤه، والمقصود بالعترة ليس كل الأقرباء. لقد صرح الرسول بالثقلين في حالات متعددة وفي حديث الثقلين، يعتبر أن عترته وأهل بيته والقرآن في منزلة واحدة وأنهما متلازمان لا يفترقان حتى يوم القيامة، وهذا ما يشير إلى ملاحظات هامة ومصيرية ويحتاج لدقة كبيرة في فهم الحديث. ومن الملاحظات الهامة أن القرآن باق دائماً وأبداً وكل من ينتمي إلى عترة الرسول وأهل بيته يجب أن يكون ملازماً للقرآن، وفقدان أحدهما يلغي الحديث النبوي الشريف. كما أن التمسك بأحدهما دون الآخر يؤدي إلى الخسارة والضلال.

ويعتبر الكثير من علماء أهل السنة أن أهل بيت الرسول (ص) هم علي و فاطمة والحسن والحسين. وقد نقل ابن حجر عن علماء الحديث والفقه الكبار في كتابه عن أبي بكر أن علي أهم مصاديق عترة الرسول (ص)، ثم يقول ابن حجر: العترة عبارة عن الأشخاص الذين يؤدي التمسك بهم حتى يوم القيامة إلى أمن أهل الدنيا وبقائهم كما هو الأمر بالنسبة للقرآن الكريم. ولهذا السبب فقد أمر رسول الله (ص) جميع المسلمين بالتمسك بالقرآن وأهل البيت.

والآن علينا أن نعرف من هو الشخص الموجود حالياً من أهل البيت وعترة الرسول (ص)؟

كلام رسول الله (ص) في حديث الثقلين جدي ودقيق لدرجة أن أي مسلم يجب أن يعرف أهل بيت الرسول (ص) حتى نهاية العالم لكي يتجلى مفهوم «لن یفترقا» بين القرآن وأهل البيت. والآن علينا أن نبحث عن مصاديق أهل البيت وعترة الرسول (ص) في الوقت الحاضر. الإنسان المنصف سيكتشف بالنظر إلى روايات الرسول (ص) وخاصة في صحاح السنة أن رسول الله (ص) قد بين مصاديق العترة وأهل البيت بنفسه، وكما صرح بعض علماء أهل السنة فالمقصود بأهل البيت والعترة في حديث الثقلين هم الأئمة الإثنا عشر وخلفاء الرسول (ص) كما سيأتي في الأحاديث ذات الصلة.

وقد بين رسول الله (ص) أن المهدي من أهل البيت وهو إمام معصوم. أي أن رسول الله (ص) قد أتم الحجة على الجميع في أن الأرض لن تخلو أبداً من أهل البيت كما أنها لن تخلو من القرآن.

جاء في سنن الترمذي أن رسول الله (ص) قال:

لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي

(سنن الترمذي الحديث رقم 2230)

ونقل في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال:

الْمَهْدِيُّ مِنِّي

(سنن أبي داود الحديث رقم 4285)

ونقل في سنن أبي داود عن أم سلمة أن رسول الله (ص) قال:

الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِن ْوَلَدِ فَاطِمَةَ

(سنن أبي داود الحديث رقم 4284)

وجاء في سنن ابن ماجة:

الْمَهْدِيُّ مِن ْوَلَدِ فَاطِمَةَ

(سنن ابن ماجه الحديث رقم 4086)

بناءً على الأحاديث المذكور، نلاحظ أن القرآن وأهل البيت متلازمان لا يفترقان أبداً ولا يمكن أن يوجد أحدهما دون الآخر، كما نستنتج أن المهدي من أبناء فاطمة وهو من أهل البيت ومن عترة رسول الله (ص) وأحد الثقلين والتمسك به إلى جانب القرآن يؤدي إلى السعادة.

حدیث الإثني عشر خليفة

وهو من الأحاديث الصحيحة والمتواترة في صحاح السنة والمصادر الأخرى الموثقة لدى أهل السنة. نقل هذا الحديث عن الرسول (ص) بطرق متعددة مما يثبت أن صدوره عن الرسول أمر محسوم.

نص الحديث في الصحاح

نقل البخاري في صحيحه عن جار بن سمرۀ أن رسول الله (ص) قال:

سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِى إِنَّهُ قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ

(صحيح البخاري الحديث رقم 6796)

كما جاء في صحيح مسلم:

عن جَابِرِ بن سَمُرَةَ قال: دَخَلْتُ مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يقول: إِنَّ هذا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حتى يَمْضِيَ فِيهِمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً. قال: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ قال: فقلت لِأَبِي: ما قال؟ قال: كلهم من قُرَيْشٍ

(صحيح مسلم الحديث رقم 1821)

وكذلك:

عن عَامِرِ بن سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ قال كَتَبْتُ إلى جَابِرِ بن سَمُرَةَ مع غُلَامِي نَافِعٍ أَنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ من رسول اللَّهِ صلي الله عليه وآله قال فَكَتَبَ إلي سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وآله يوم جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رُجِمَ الْأَسْلَمِيُّ يقول: لَا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حتى تَقُومَ السَّاعَةُ أو يَكُونَ عَلَيْكُمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كلهم من قُرَيْشٍ

(صحيح مسلم الحديث رقم 1822)

نستنتج من مجموعة الأحاديث التي تتحدث عن الخلفاء الإثني عشر مايلي:

  • الخلافة بعد رسول الله (ص) منحصرة باثني عشر خليفة.
  • جميعهم من أهل بيت رسول الله (ص) من قريش.
  • عزة الإسلام ورفعته تعتمد على هؤلاء الخلفاء، أي أنه عندما يكون أحدهم على قيد الحياة فإن دين الإسلام قائم وقوي.
  • لن ينتهي الإسلام حتى يكون اثنا عشر خليفة.
  • والأهم في الحديث أن الخلافة مستمرة لا تنتهي ومفردة الخليفة في كتب اللغة تعني الشخص الذي يقوم بوظائف أهله وقومه والخليفة هو من يخلف من سبقه وذلك نظراً لغياب المستخلف عنه أو وفاته أو عجزه.

مصداق الخلفاء الإثني عشر

من الواضح أن خليفة رسول الله (ص) لقب يطلق على شخص صاحب تهذيب للنفس وتقوى في الباطن ومقيم للعدل والقسط وآمر بالمعروف وناه عن المنكر في الظاهر. إذا اعتبر شخص ما نفسخ خليفة رسول الله (ص)، لكن أعماله فسق وفجور، فلن يكون خليفة رسول الله (ص)، بل خليفة للشيطان، لأنه يجب أن يكون للخيفة ظهور عن المستخلف عنه في نفسه.

أما بالنسبة لمصاديق الخلفاء الإثني عشر لرسول الله (ص)، فهنالك العديد من التعابير والبعض منها ضعيف ومرفوض، وسوف نتطرق إلى اثنين منها.

الف. التعبير الأول هو أن الخلفاء الاثني عشر هم: ابو بکر، عمر، عثمان، علي، معاویه، یزید بن معاویه، معاویه بن یزید، مروان بن حکم، عبدالملک بن مروان، ولیبد بن عبدالملک، سلیمان بن عبد الملک و عمر بن عبد العزیز.

وكما ذكرنا، فإن المقصود بالخليفة في هذه الأحاديث هو خليفة رسول الله (ص). فهل يجوز أن يخلف رسول الله (ص) شخص يخالف بتصرفاته كتاب الله تعالى وسنة رسوله (ص)؟ ثم إننا لاحظنا في أحاديث الرسول أن خلفاءه سيجعلون الإسلام عزيزاً، فهل كان الأمر كذلك في عهد أولئك الأفراد؟ هل يمكننا أن نطبق هذا الحديث على يزيد بن معاوية وأمثاله؟ نقل أن أحدهم تحدث عن يزيد بن معاوية وعظمته لدى عمر بن عبد العزيز، فتضايق عمر بن عبد العزيز كثيراً وأمر بجلد ذلك الشخص عشرين جلدة.

لقد قتل يزيد بن معاوية، الحسين بن علي حفيد الرسول وفلذة كبده وقد كان فاسقاً شارباً للخمر. فهل يجوز لهذا الرجل الفاسق أن يكون من خلفاء رسول الله (ص) وقد ارتكب الكثير من الجرائم خلال سنوات خلافته الأربع؟ يتحدث السيوطي في تاريخ الخلفاء عن جنايات يزيد وفسقه وفجوره حيث يأبى أي مسلم أن يعتبره خليفة للمسلمين.

إن ضعف هذا التبرير والتفسير واضح.

ب. أما التفسير الآخر حول الخلفاء الإثني عشر فهو أنه ليس من الضرورة أن يكون الخلفاء متوالين فقد كان الخلفاء الراشدون منهم ثم جاء الحسن بن علي (ع) ومعاوية و ابن الزبير و عمر بن عبد العزيز، أما الخلفاء الأربعة الباقون فسوف يظهرون حتى يوم القيامة ويمسكون بزمام الأمور. لكن هذا التفسير خاطئ لأن الأحاديث المنقولة عن الرسول (ص) تدل على توالي الخلفاء الإثني عشر. لا شك في أن هذه التفاسير والتبريرات مليئة بالتكلف وتؤدي إلى إخراج الرواية عن نطاق الاعتبار.

يقول ابن کثیر المفسر المعروف للقرآن: و معنی هذاالحدیث البشارة بوجود اثنی عشر خلیفه صالحاً یقیم الحق و تعدل فیهم... والظاهر ان منهم المهدی المبشر به فی الاحادیث الواردة بذکره.

وفي کتاب بذل المجهود الذي يتضمن شرح سنن ابي داوود، وبعد نقل اقوال متنوعة حول الخلفاء الاثني عشر، يقول: و آخرهم الامام المهدی و عندی هذا هو الحق.

ونقل في صحيح مسلم أن رسول الله (ص) قال :

يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا

(صحيح مسلم الحديث رقم 2913)

ونلاحظ أن أن كلمة خليفة قد استعملت في هذا الحديث.

ومن جهة أخرى فقد تحدثت روايات الشيعة عن الخلفاء الاثني عشر الذين ينطبقون على ائمة الشيعة وأولهم علي بن ابي طالب ثم الحسن والحسين وهكذا حتى يصل إلى آخرهم وهو المهدي وجميعهم متوالون. إن مقارنة الروايات المذكورة على هؤلاء الائمة الاثني عشر يجعل الروايات والعدد أموراً موثوقة أي أنها تحصر الخلفاء في اثني عشر شخصاً.

ومن الجدير بالذكر أن بعض علماء أهل السنة قالوا: المقصود بالأئمة الاثني عشر هو أئمة الشيعة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام ولا يمكن فرضهم على حكام بني أمية لأن عدد حكام بني أمية أكثر من اثني عشر والعديد منهم قد ارتكب جنايات فاحشة. كما لا يمكن فرضهم على حكام بني العباس لأن المحذور السابق يحدث هنا كذلك. إذن فالمقصود بالخلفاء الاثني عشر هم أئمة الشيعة الاثني عشر من أهل بيت الرسول (ص) وأولهم علي وآخرهم المهدي وجميعهم يتمتعون بالعدل والتقوى.

الأحاديث الخاصة حول المهدوية في صحاح السنة
أحاديث حسب ونسب المهدي

يعرف أي شيء بأصله وحسبه ونسبه. ولذلك فإن معرفة شخصية هامة مثل المهدي وهو آخر الخلفاء الاثني عشر الذين أخبر بهم رسول الله، أمر يتطلب معرفة حسبه ونسبه.

  • المهدي من أبناء عبد المطلب
    نقل ابن ماجه في سننه عن انس بن مالک عن رسول الله (ص) أنه قال:

    نَحْنُ وَلَدَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَا و َحَمْزَةُ وَ عَلِيٌّ وَ جَعْفَرٌ و َالْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ الْمَهْدِيُّ

    (سنن ابن ماجه الحديث رقم 4087)
    يدل هذا الحديث على أن المهدي من أبناء عبد المطلب بن هاشم القرشي الکناني.
  • المهدي نسل الرسول
    عن أبي سعید الخدري أن رسول‎ الله (ص) قال:

    الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الْأَنْفِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَ ظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ

    (سنن أبي داود الحديث رقم 4285)
  • المهدي من أهل بيت الرسول (ص)
    هناك العديد من الروايات في الصحاح الستة وخاصة في سنن أبي داود و ابن ماجه ويصرح فيها الرسول بأن المهدي من أهل البيت، وبعض تلك الروايات مسندة بقوة ومعتبرة بإحكام.
    • عن أبي داوود في سننه عن ابي الطفیل عن علي أن رسول الله (ص) قال:

      لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدَّهْرِ إِلَّا يَوْمٌ لَبَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا

      (سنن أبي داود الحديث رقم 4283)
    • وعن الترمذي عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله (ص) قال:

      لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي

      (سنن الترمذي الحديث رقم 2230)
    • وعن الترمذي عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله (ص) قال:

      يَلِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي

      (سنن الترمذي الحديث رقم 2231)
    • عن ابن ماجه في سننه عن محمد بن الحنفیه عن علي أن رسول الله (ص) قال:

      الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ

      (سنن ابن ماجه الحديث رقم 4085)
    • وجاء كذلك في سنن ابن ماجة:

      عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و َسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمَّا رَآهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ قَالَ فَقُلْتُ مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَقَالَ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا و َإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءً وَ تَشْرِيدًا وَ تَطْرِيدًا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ فَيَسْأَلُونَ الْخَيْرَ فَلَا يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مَلَئُوهَا جَوْرًا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ

      (سنن ابن ماجه الحديث رقم 4082)
  • المهدي من أبناء فاطمة
    هناك روايات وأحاديث في الصحاح الستة تدل على أن المهدي من أبناء فاطمة:
    • عن ابن ماجه في سننه عن سعید بن مسیب عن ام سلمه زوجة رسول الله أن رسول الله (ص) قال:

      الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ

      (سنن ابن ماجه الحديث رقم 4086)
    • عن أبي داوود في سننه عن سعيد بن مسیب عن ام سلمه أن رسول الله (ص) قال:

      الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ

      (سنن أبي داود الحديث رقم 4284)
حديث تشابه اسم المهدي باسم الرسول

وروى الترمذي في سننه عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله (ص) قال:

لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي

(سنن الترمذي الحديث رقم 2230)

وعن الترمذي عن زر عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله (ص) قال:

يَلِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي

(سنن الترمذي الحديث رقم 2231)

ونلاحظ من خلال هذه الأحاديث أن اسم المهدي هو اسم رسول الله (ص) نفسه أي «محمد».

أحادیث هامة أخرى
  • جاء في سنن الترمذي:

    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَشِينَا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نَبِيِّنَا حَدَثٌ فَسَأَلْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيَّ يَخْرُجُ يَعِيشُ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا زَيْدٌ الشَّاكُّ قَالَ قُلْنَا وَمَا ذَاكَ قَالَ سِنِينَ قَالَ فَيَجِيءُ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَيَقُولُ يَا مَهْدِيُّ أَعْطِنِي أَعْطِنِي قَالَ فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبِهِ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَحْمِلَهُ

    (سنن الترمذي الحديث رقم 2232)
  • جاء في صحیح مسلم عن جابر بن عبدلله أن رسول الله (ص) قال:

    لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ

    (صحيح مسلم الحديث رقم 156)

إن نظرة على الحديث الأخيرة تجعلنا نستنتج عدة أشياء:

أولاً: أثناء نزول عيسى علیه السلام سيكون هناك رجل من المسلمين يتولى الأمور.

ثانياً: يطلب الأمير من عيسى علیه السلام أن يكون إمام الجماعة، مما يدل على صلاح الأمير؛ ورغم عدم التصريح باسم المهدي في هذا الحديث، ولكن صفة «المهدي» و «الهدى» ثابتة عليه.

ثالثاً: اقتداء النبي عیسی علیه السلام بالأمير ورفض طلبه، مما يدل على أن أمير المسلمين أعلى مرتبة من عیسی علیه السلام ؛ لأن تقديم المفضول على الفاضل و الأفضل أمر قبيح.

رابعاً: صرح في هذه الروايات بكلمة «امیر» ولا يمكن أن يكون هذا الأمير سوى المهدي.

يجب أن نعرف أن عیسى علیه السلام سينزل في آخر الزمان لكي يسلم زمام الأمور للمهدي حامل راية الإسلام ويدعو المسيحيين إلى اعتناق الإسلام. ولذلك فقد اعتبر عيسى عليه السلام أن المهدي يتقدمه في إمامة الجماعة فيقتدي به.